قيل: أولاً: ليس الكلام في حدوث الفلك بعينه، بل في حدوث كل جسم، فإذا قدر جسم أزلي ساكن غير الفلك لم يكن فيما ذكره ولا في حركة الفلك دليل على حدوثه، لا سيما عند من يقول القديم الأزلي الخالق جسم لم يزل ساكناً، كما يقوله كثير من النظار من الهشامية والكرامة وغيرهم.
وقيل: ثانياً: الفلك - وإن كان متحركاً - فحيزه واحد لم يخرج عن ذلك الحيز، وحركته وضعية ليست حركة مكانية تتضمن نقله من حيز إلى حيز.
وحينئذ فقوله (وقد ثبت جواز الحركة) إن أراد به الحركة المكانية كان ممنوعاً، وإن أراد غيرها كالحركة الوضعية لم يلزم من ذلك جواز انتقاله من هذا الحيز إلى غيره.
وقد سبق الآمدي إلى هذا الاعتراض، فإنه قال في الأعتراض على المقدمة الأولى: (الأزل ليس هو عبارة عن زمان مخصوص ووقت مقدر حتى يقال بحصول الجسم في الحيز فيه، بل الأزل لا معنى له غير كون الشيء لا أول له، والأزل على هذا يكون صادقاً على ذلك الشيء في كل وقت يفرض كون ذلك الشيء فيه.
فقول القائل: (الجسم في الأزل موصوف بكذا) أي في حالة كونه متصفاً بالأزلية.
وما من وقت يفرض ذلك الجسم فيه إلا وهو موصوف بالأزلية.
وأي وقت قدر حصول ذلك الجسم فيه وهو في حيز معين لم