لكن قد يقال: تسلسل العدميات ليس كتسلسل الوجوديات، بل تسلسل العدميات ممكن، بخلاف تسلسل الوجوديات، ويكون حدوث حدوث الحوادث موقوفاً علىتسلسل العدميات، فيقال: إن لم يكن تسلسل العدميات أمراً محققاً فلا حقيقة له، فيكون إمكان حدوث الحوادث موقوفاً على ما لا حقيقة له.

وهذا باطل، وإن كان تسلسلها أمراً محققاً فقد ثبت أن تسلسل الأمور المحققة جائز، وأنه أزلي، مع أن كل واحد من تلك التسلسلات ليس بأزلي، وهذا ينقض ما ذكروه في امتناع تسلسل الحوادث، فهم بين أمرين: إما أن يقولون بالترجيح بلا مرجح، وإما أن يقولون بجواز التسلسل، وهذا بعينها هو الذي يلزمهم في قولهم: إنه لا بد للحوادث من ابتداء، فكما أنهم في هذا يلزمهم إما الترجيح بلا مرجح وإما التسلسل، فكذلك في قولهم (إنه لا بد لإمكانها من ابتداء) يلزمهم إما هذا وإما هذا، والقول بالترجيح بلا مرجح تام ممتنع، وهم متفقون على أن الترجيح بلا فاعل مرجح ممتنع، لكن لا يشترطون تمام ما به يكون مرجحاً، بل يقولون: يحصل الترجيح التام من غير حصول الرجحان، ويحصل الرجحان بدون المرجح التام، بناء على أن القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، إذ أن الإرادة القديمة ترجح أحد المثلين بلا مرجح والقول بجواز التسلسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015