وطائفة قالت بثبوت جسم قديم: ثم هؤلاء منهم من قال: لم يزل فاعلاً متحركاً، ومنهم من قال: بل تجدد له الفعل والحركة، فإذا احتج الأولون على هؤلاء بأن الجسم لو كان أزلياً لم يخل من الحركة والسكون، والحركة لا تكون أزلية، لامتناع دوام الحوادث وتسلسلها، والسكون لايكون أزلياً لأنه وجودي، فلو كان أزلياً لامتنع زواله، لأن الوجودي الأزلي يمتنع زواله، لأن المقتضي له إما موجب بنفسه أو لازم للموجب بنفسه، ثم نقول: والسكون يجوز زواله فلا يكون أزلياً.

أجابوهم عن جواز الحوادث بأجبوتهم المعروفة كما تقدم التنبيه على ذلك، وأجابوهم على السكون الأزلي بأن قالوا: ما ذكرتموه يناقض ما ذكرتموه في حدوث الأجسام.

وذلك أنكم إذا قلتم بحدوثها فلا يخلو: إما أن تقولون بجواز تسلسل الحوادث، وإما أن لا تقولوا بجواز ذلك.

فإن قلتم بجواز تسلسل الحوادث وأن الأجسام حدثت بشرط حوادث متعاقبة، كما قال ذلك من قاله من القائلين بحدوث الأجسام، كالأرموي والأبهري وغيرهما.

قالوا لهم: فإذا جوزتم تسلسل الحوادث بطل دليلكم على امتناع التسلسل في الآثار، وأمكن حينئذ أن يكون الجسم القديم لم يزل متحركاً، فبطل دليلكم على حدوث الجسم.

وإن قلتم لا يجوز تسلسل الحوادث والآثار، وقلتم بحدوث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015