فلا يقال: إن الشرع سكت عما يحتاج إلى معرفته من معنى الجسم نفياً وإثباتاً.
ثم إذا كان المعنى الذي يريده النافي يمكنه نفيه بالشرع وبالعقل، بدون إطلاقه لفظ متنازع في أحكام معناه، كان نفي ذلك المعنى بما ينفيه من الأدلة الشرعية والعقلية، التي لا يمكن النزاع فيها، هو المشروع، دون بقية معان متنازع فيها هي طويلة متعبة بلا نزاع، وقد تكون مع ذلك باطلة.
ومن المعلوم أن من ترك سلك الطريق المستقيم الذي يوصله إلى مكة، وسلك طريقاً بعيدة لغير مصلحة راجحة، كان تاركاً لما يؤمر به، فاعلاً لما لا فائدة فيه، أو ما ينهى عنه، إذا كانت تلك الطريق موصلة إلى المقصود.
فأما مع الاسترابة في كونها موصلة أو مهلكة، فإنه لا يجوز سلوكها.
وهذه الطرق التي يسلكها نفاة الجسم وأمثالهم، أحسن أحوالها أن تكون عوجاً طويلة، قد تهلك، وقد توصل، إذ لو كانت مستقيمة موصلة، لم يعدل عنها السلف، فكيف إذا تيقن أنها مهلكة؟!.
ولا ريب أن الذين يعارضون الكتاب والسنة إنما يعارضونها بطرق هؤلاء، فهم يعرضون عن كتاب الله في أول سلوكهم، ويعارضونه في منتهى سلوكهم.
وقال قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا