قيل: فصل النزاع قد يكون بوجهين: أحدهما: نهي كل منهما عن منازعة الآخر بهذا، إذ هو نزاع فيما لا فائدة فيه.

كما لو تنازع اثنان في لون كلب أصحاب الكهف، ومقدار السفينة، والبعض من البقرة الذي أمر الله بالضرب به، إن قدر أنه كان معيناً، مع أن ظاهر القرآن يدل على أنه مطلق لا معين، وفي أمثال ذلك من الأمور التي لا فائدة فيها، وقد لا يكون إلى معرفتها سبيل -فمثل هذا ينهي كل منهم عن منازعة الآخر فيه، بل ينهي عن أن يقول ما لا يعلم.

والثاني أن يفصل النزاع ببيان الخطأ من الصواب.

وحينئذ فإذا فصل النزاع بين المتنازعين في الجسم، قيل: النزاع على وجهين: لفظي، ومعنوي.

فإن كنتم تتنازعون في مسمى الجسم في اللغة، فليس مسماه ما قلته أنت من أن كل قائم بنفسه أو مشار إليه يسمى جسماً، ولا ما قلته أنت من أن الجسم في اللغة هو المركب من أجزاء، فإن الهواء أو نحوه عنده مركب، والعرب لا تسميه جسماً، وهو مشار إليه قائم بنفسه، والعرب لا تسميه جسماً.

فقول كل واحد منكما غير موافق للغة العرب.

وغايته أن يكون اصطلاحاً منكم على معنى، كسائر الألفاظ الاصطلاحية، فيكون نزاعهم كتنازع الفقهاء في لفظ الفرض هل هو مرادف للواجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015