ثلاثمائة سنة، وآخر ملوكهم بطليموس، الذي دخل النصارى عليهم.

ثم من نظر في أخبار الأمم الذين لم يكن لهم كتاب كالروم واليونان ونحوهم، علم أن النصارى أكمل منهم في الإلهيات، وأفضل وأعلم منهم وأعقل، وإنما كان يكون حذق تلك الأمم في غير العلوم الإلهية، كالطب والحساب والهيئة ونحو ذلك.

وأعظم اشتغالهم بالهيئة إنما كان لأجل الشرك والسحر ودعوة الكواكب والأوثان من دون الله، فإنهم يقولون: إنهم يستخرجون قوى الأفلاك ويمزجون بين القوة الفعالة السماوية والقوى المنفعلة الأرضية.

ولهذا يوجد في بلادهم من الطلاسم ونحوها ما هو معروف بأرض مصر والشام والجزيرة وغيرها.

فدعوى المدعي أن الناس احتاجوا، فيمن يدعونه إلى الإسلام، إلى تغيير الأصول الشرعية، التي لم يحتج الصحابة إلى تغييرها -دعوى باطلة.

الوجه الثاني: أن يقال: القرآن فيه بيان الوجوب عن هذا السؤال، وسائر ما يسأل عنه، لكن يريد الذي يجيب بما في القرآن والسنة أن يعرف معاني القرآن والسنة، ويعرف معاني كلام السائل، فإن الناس لهم عبارات يعبرون بها عن معانيهم غير العبارات التي في الكتاب والسنة، كما لأمة لسان غير لسان العرب.

فالمجيب بما جاء به الرسول يحتاج إلى أن يعرف معنى العبارتين: العبارة التي خاطب بها الرسول، والعبارة التي وقع بها السؤال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015