ولكن لولا القدر المشترك لما كان في الكلام فائدة.
ثم القدر المميز يحصل بالإضافة، فيعلم أنه نور ليس كالأنوار، موجود ليس كالموجودين، حي لا كالأحياء.
وهذا الجواب هو جواب أهل التحقيق من المثبتين الذين ينفون علم العباد بماهيته وكيفيته، ويقولون: لا تجري ماهيته في مقال، ولا تخطر كيفيته ببال.
ويقولون: الاستواء معلوم، والكيف مجهول.
ويقولون: حجب الخلق عن معرفة ماهيته، ونحو ذلك.
وأما من نفى ثبوت هذه الأمور في نفس الأمر، فقال: لا ماهية له فتجري في مقال، ولا كيفية له فتخطر ببال.
كما يقول ذلك من يقول من المعتزلة، ومن اتبعهم من الأشعرية، وغيرهم من أصحاب الفقهاء الأربعة- فهؤلاء هم الذين خرجوا عن الجواب الطبيعي، وأرادوا تغيير الفطرة الإنسانية، كما غيروا النصوص الشرعية.
وإنما الكمال بالفطرة المكملة بالشرعة المنزلة.
والرسل صلوات الله عليهم بعثوا بتقرير الفطرة وتكميلها، لا بتغيير الفطرة وتحويلها.
ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يجاب عن سؤال السائل بما هو، بما يجاب إذا سئل عن الأنواع، فإن الله لا مثل له سبحانه.
وإذا كان المخلوق الذي انحصر نوعه في شخصه، كالشمس مثلاً لا يمكن ذلك فيها، فالخالق سبحانه أولى بذلك.
وإذا كان تعريف عين الشيء لا يمكن إلا بمعرفته أو معرفة نظيره،