والتأخر بالزمان، بعد أن ذكر التقدم والتأخر بالمكان، فإن المكان دخل في السماوات والأرض، والمشرق والمغرب.
وذكر موسى خلق الإنسان، بعد أن ذكر الخلق العام.
كما في قوله: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق} [العلق: 1-2] .
وكما في قوله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [فصلت: 53] .
فإذا كان المسؤول عنه بما هو، لا بد أن تكون له ذات هي ماهيته، كان الجواب عنها بما يمكن من التعريف، فإن أمكن أن يعرف بعينه قيل: هذا هو، أو هو فلان ابن فلان، ونحو ذلك مما يميزه عند السائل، ويوجب معرفته بعينه بالإحساس، لكن معرفة عينه لم تحصل هنا بمجرد كلام المتكلم، بل بالإحساس به، وإن لم يمكن معرفته بعينه عرف بنظيره، ولا يكون له نظير من كل وجه، فإنه لو كان نظير من كل وجه، لم يكن المجهول إلا عينه.
وإذا كان المطلوب معرفة عينه لم يحصل الجواب بالنظير، وإنما يعرف بالنظير نوعه، فلا يجاب بالنظير، إلا إذا كان السؤال عن معرفة نوعه.
وحينئذ فتحصل المعرفة به بحسب مماثلة ذلك النظير له، لأجل القدر المشترك الذي بين المتماثلين.
كمن سئل عن الخمر، فقال: شراب مسكر فلا بد أن يكون السائل يعرف الشرب ويعرف السكر، ولكن لم يعرف نوع سكر الخمر، بل عرف مثلاً سكر الغضب والعشق والحزن، وعرف زوال العقل