الذي أقررت له بذلك، وأشهدت به عليك فلاناً وفلاناً، ونحو ذلك.
ولهذا أجابه موسى بما فيه تقرير لما أنكره وتثبيت له، فقال: {رب السماوات والأرض وما بينهما} [الشعراء: 24] ، وقال {ربكم ورب آبائكم الأولين} [الشعراء: 26] ، وذلك لأن العلم بثبوت هذا الرب أمر مستقر في الفطر، مغروز في القلوب.
يبين هذا أن السؤال عن ماهية الشيء الثابتة في الخارج يكون بعد الاعتراف بوجوده.
أما ما يكون مجحوداً منتفياً في نفس الأمر، فلا ماهية له في الخارج حتى يسأل عنها، ولكن قد يسأل المسؤول عن تصوير ما يقوله، وإن لم تكن له حقيقته في الخارج.
أما إذا ادعى شيئاً في الخارج، والمدعي ينكر وجوده، فإنه لا يطلب منه أن يعرفه ماهية ما لا حقيقة له، بل يسأله على طريق إنكار ذلك، لا على طريق الاستعلام عن ذلك.
وإذا كان المسؤول عنه مما لا وجود له طولب بتمييزه وتعريفه، حتى يبين له أنه لا وجود له، وأنك تدعي ثبوت ما ليس بثابت، كما يقال لمن يدعي أن هنا جبلاً من ياقوت أو بحراً من زئبق، أين هو؟ وكيف هو؟ وكما يقال لمن يدعي وجود المنتظر المعصوم الداخل إلى سرداب سامراً: بماذا يعرف؟ وكم كان عمره حين دخل؟ وماذا الذي يمنعه من الظهور؟ ونحو ذلك من المسائل التي يبين بها عدم المسؤول عنه، أو عدم ما أثبته المسؤول له.