جهاته، فإن المحذور إنما يحصل لو كان حصول العلم ليس من لوازم ذاته، بل حصل بسبب غيره، فيكون ثبوت الصفة مفتقراً إلى ذلك الغير.
أما إذا كان علمه من لوازم ذاته، كان واجباً بوجود ذاته.
وهم يقولون: هو واجب بذاته، مع كونه مستلزماً للمفعولات المنفصلة، ولم يقدح كونها لازمة له في وجوب ذاته، فإن لا يقدح لزوم علمه له بطريق الأولى والأحرى.
أن يقال: لنظار المسلمين في علم الرب قولان: أحدهما: أن علمه واحد بالعين، يعلم به جميع المعلومات أزلاً وأبداً.
وعلى هذا التقدير فهو واجب الوجود بصفاته أزلاً وأبداً فليس علمه متوقفاً على وجود شيء من المعلومات، بل إذا وجدت تعلقت المعلومات به.
لكن قد يقول أكثر العقلاء من الفلاسفة وغيرهم، إن هذا لا يمكن، بل علمه بهذا غير علمه بهذا.
فيقال: القول الثاني: إن علمه واحد بالنوع، وإنه يتعدد بتعدد المعلومات، وعلى هذا القول فهل يكون علمه بأن قد كان الشيء هو نفس علمه بأن سيكون؟ على قولين.
ومن النظار من قال: العلم إضافة محضة، وأن ذات الرب مقتضية لها بشرط المضاف.
وسنبين إن شاء الله ما هو الصواب في هذا الباب.