الثالث: أنه لو قدر موجود غيره واجب بنفسه، أو موجود عن ذلك الواجب بنفسه، وذات العالم هي التي اقتضت العلم به -لكان هذا كمالاً له على هذا التقدير، لم يكن هذا مما ينفيه وجوب وجوده.
الرابع: أن هذا وإن قدر أنه استكمال بالغير، فلا دليل لهم على نفيه، لا من جهة الوجوب، ولا من جهة استحقاق الكمال.
ولا من غير ذلك، بل الأدلة تقتضي ثبوته.
عن شبهة ابن سينا أن يقال: قوله: ليس يجوز أن يعقل الأشياء من الأشياء، وإلا فذاته إما متقومة بما تعقل، فيكون متقوماً بالأشياء، وإما عارضاً لها أن تقعل، فلا تكون واجبة الوجود من كل وجه.
يقال له: قولك: يعقل الأشياء من الأشياء أتريد به أن الأشياء تجعله عاقلاً، فتعلمه العلم بها؟ أم تريد أن علمه بالأشياء لا يكون إلا مع تحقق المعلوم؟ أم تعني به أن علمه بالأشياء يكون بعد وجود المعلوم؟.
أما الأول فلا يقوله مسلم، بل المسلمون متفقون على أن الله مستغن عما سواه في علمه بالأشياء في غير ذلك، بل هو المعلم لكل من علم سواه من علمه.
وقد قال تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255] .