عليه في قوله: إن الصور الجسمانية والأشكال الوضعية لا تدركها إلا قوة جسمانية.
وأعاد أبو البركات مناقضته في ذلك.
قلت: ما ذكره أبو البركات من أن العاقل لا يتقوم بما يعقله، وأن فرض ذلك محال، لأن كونه يعقل تابع لذاته، وهو بعده بعدية بالذات، فكيف يتقوم الوجود بما هو بعد الوجود بالذات؟ فهذا كلام صحيح، وهو مطرد في جميع الصفات اللازمة للموصوف: أن ذاته لا تتقوم بشيء منها، ولا تكون صفة الموصوف جزءاً مقوماً متقدماً عليه بالذات، إذا كانت الصفة تابعة للموصوف، فهي إلى أن تكون بعده بالذات أولى من أن تكون قبله بالذات.
فإن قدر أن هنا ترتيباً عقلياً تكون فيه الصفة الذاتية قبل الموصوف أو بعده، فإنها لا تكون إلا بعده.
وإن قيل: لا ترتيب هنا أصلاً، بل كلاهما ملازم للآخر مقترن به.
لم يتقدم أحدهما الآخر، وليس بينهما ترتيب عقلي، كما ليس بينهما ترتيب زماني، فليس أحدهما قبل الآخر، بل الموصوف وصفته اللازمة له موجودان معاً، لم يسبق أحدهما الآخر، سواء