كل تغير وانفعال فإنه يلزم أن يتحرك قبل ذلك المتغير حركة مكانية.

قال أبو البركات: وهذا محال، فإن النفوس تتجدد لها المعارف والعلوم، من غير أن تتحرك في المكان على رأيه، فإنه لا يعتقد فيها أنها تكون في مكان البتة، فكيف أن تتحرك فيه؟ وإنما ذلك للأجسام في بعض الذوات والأحوال، كالتسخن والتبرد، ولا يلزم فيها أبداً، فإن الحجر الكبير يسخن ولا يصعد، ويبرد ولا يهبط، بل ولا يتحرك من مكانه، وإنما ذلك مما يصعد بالبخار من الماء، ويدخن من الأرض من الأجزاء التي هي كالهباء، دون غيرها من الأحجار الكبار الصلبة، التي تحمى حتى تصير بحيث تحرق وهي في مكانها لا تتحرك.

والماء يسخن سخونة كثيرة وهو في مكانه لا يتبخر، وإنما تتبخر منه بعض الأجزاء، ثم تكون الحركة المكانية بعد الاستحالة لا قبلها، كما قال: إن جميع هذه هي حركات توجد بأخرة بعد الحركة المكانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015