اليابسة من البارد الرطب، وذلك أبلغ في المنافاة، لأن اجتماع الحرارة والرطوبة أيسر من اجتماع الحرارة واليبوسة، إذ الرطوبة تقبل من ما لا تقبله اليبوسة، ولهذا كان تسخين الهواء والماء أيسر من تسخين التراب، وإن كانت النار نفسها حارة يابسة، فإنها جسم بسيط، واليبس ضد الرطوبة يعني بها البلة كرطوبة الماء، ويعني بها سرعة الانفعال، فيدخل في ذلك الهواء ن فكذلك يعني باليبس عدم البلة، فتكون النار يابسة، ويراد باليبس بطء الشكل والانفعال، فيكون التراب يابساً دون النار، فالتراب فيه اليبس بالمعنيين، بخلاف النار، لكن الحيوان الذي فيه حرارة ورطوبة يكون من العناصر الثلاثة: التراب، والماء، والهواء.
وأما الجزء الناري فللناس فيه قولان، قيل: فيه حرارة نارية وإن يكن فيه جزء من النار، وقيل: بل فيه جزء من النار.
وعلي كل تقدير فتكون الحيوان من العناصر أولي بالإمكان من تكون النار من الشجر الأخضر، فالقادر علي أن يخلق من الشجر الأخضر ناراً أولي بالقدرة أن يخلق من التراب حيواناً، فإن هذا معتاد، وإن كان ذلك بما يضم إليه من الأجزاء الهوائية والمائية، والمقصود الجمع في المولدات.
ثم قال {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم} يس: [81] وهذه مقدمة معلومة بالبداهة ولهذا جاء فيها باستفهام التقرير الدال علي أن ذلك