والقائلون بأن المعرفة تحصل بغير العقل يفسرون كلامهم بمعنى صحيح، مثل ما ذكره الشريف أبو علي بن أبي موسى في شرح الإرشاد في الفقه تصنيفه، لما شرح عقيدته المختصرة التي ذكرها في أول الإرشاد.
قال لما ذكر التوحيد: (الكلام بعد ذلك: المعرفة هل تدرك بالعقول أم بالسمع؟) قال: (فالذي نذهب إليه قول إمامنا: إن معرفة الخالق أنه الله لا تدرك إلا بالسمع) قال: (وقد اختلف أصحابنا في ذلك على طريقين.
فقال الأقلون منهم: إن المعرفة تدرك بالعقول، مع اتفاقهم معنا أنها لا تدرك بمجرد العقل قبل ورود السمع بها) .
قال: (والدليل على أنه تدرك بالسمع، وأنه لا مدخل للعقول فيها قبل ورود السمع بها: ان العقل مخلوق كالحواس الخمس من البصر والسمع والشم واللمس والمذاق.
ثم المقسوم منه يتفاضل الخلق فيه.
يعلم ذلك كل أحد ضرورة، فإذا كان كذلك فاللمس لا يدرك له اللامس الأراييح، والشم لا يدرك به الشام الأصوات) .
قال: (وجملة هذا أن الله لم يجعل اللمس سبيلاً إلى إدراك الأراييح، ولا الشم سبيلاً إلى إدراك المسموعات، بل جعل كل واحد منهما سبيلاً لإدراك ما خص به، وإن كنا نجوز أن يفعل ذلك ويجعل العلم في اليد، والكلام في الرجل، والنظر في اللسان، لأن الجواهر من جنس