كلام المعتزلة، وهو كلام مخالف لما أجمع عليه أئمة الدين، ولما تواتر عن سيد المرسلين، بل لما علم بالاضطرار من دينه.
وإذا قدر أن أول الواجبات هو النظر، أو المعرفة، أو الشهادتان، أو ماقيل، فهذا لا يجب على البالغ أن يفعله عقب البلوغ، إلا إذا لم يكن قد فعله قبل البلوغ، فأما من فعل ذلك قبل البلوغ فإنه لا يجب عليه فعله مرة ثانية، لا سيما إذا كان النظر مستلزماً للشك، المنافي لما حصل له من المعرفة والإيمان، فيكون التقدير: اكفر ثم آمن، واجهل ثم أعرف، وهذا كما أنه محرم في الشرع، فهوممتنع في العقل، فإن تكليف العالم الجهل من باب تكليف ما لا يقدر عليه، فإن الجاهل يمكن أن يصير عالماً، فإذا أمر بتحصيل العلم كان ممكناً، أما العالم فلا يقدر أن يصير جاهلاً، كما أن من رأى الشيء وسمعه لا يمكن أن يقال لا يعرفه، فمن كان الله قد أنعم عليه وشرح صدره للإسلام قبل بلوغه، فحصل له الإيمان المتضمن للمعرفة، لم يمكن أن يؤمر بما يناقض المعرفة، من نظر ينافي المعرفة، أو شك أو نحو ذلك، بل الأمر لمن حصل له علم ومعرفة أن يقدم ذلك ثم يحصله، مثل تكليف من حصل له قصد الصلاة ونيتها، بأن يقدم ذلك ثم تحصل النية.