والمعتزلة كانوا هم أئمة الكلام في وجوب النظر والاستدلال بطريقة الأعراض والأجسام وما يتبع ذلك، وصاروا يقولون: إن الإيمان لا يمكن أن يحصل للعبد بدون اكتسابه له، لا يمكن عندهم أن يحصل بعلم ضروري يجعله الله في قلب العبد، ولا بإلهام وهداية منه، يختص بها من يشاء من عباده.

ولهذا خالفهم المثبتون للقدر، كـ الأشعري وغيره، وقالوا: يمكن أن يعلم بالاضطرار ما يعلم بالنظر، فإن هذا عندهم ليس أمراً لازماً، لكنه بحسب العادة.

والمعتزلة يقولون: إن الإيمان إذا كان موهبة من الله تعالى لعبد، وتفضلاً منه عليه، لم يستحق العبد الثواب.

وأهل السنة يقولون: هو محسن إلى العبد متفضل عليه، بأن أرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن جعل له السمع والبصر الفؤاد الذي يعقل به، وأن هداه للإيمان، وأن أماته عليه، فكل هذا إحسان منه إلى المؤمن وتفضل عليه، وإن كان هو قد كتب على نفسه الرحمة، وكان حقاً عليه نصر المؤمن، وحق العباد عليه إذا وحدوه ألا يعذبهم، فذاك حق أوجبه بنفسه، بكلماته التامات وبما تستحقه نفسه المقدسة من حقائق الأسماء والصفات، لا أن شيئاً من المخلوقات أوجب عليه شيئاً، أو حرم عليه شيئاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015