الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» .
وحينئذ فهذا الخلق المذكور: إما أن يكون شيئاً موجوداً، وإما أن يكون شيئاً موجوداً، فإن كان الأول فهو من العالم والله فوقه إذ هو العلي الأعلى، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وإن لم يكن شيئاً موجوداً، فهذا لا يوصف بأنه فوق غيره ولا تحته، ولا يقال: إن تحته شيء ولا فوقه شيء، إذ هو عدم محض، ونفي صرف، فلا يجوز أن يقال: إن فوق الله شيء، والعدم ليس بشيء، لا سيما العدم الممتنع، فإنه ليس بشيء باتفاق العقلاء، ويمتنع أن يكون فوق الله شيء، فهو عدم ممتنع.
أن يقال غاية الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود، والله موصوف.
وما ذكرته من الخلاء إذا قدر أنه لا بد منه، لم يقدح ذلك في علوه الذي يستحقه، كما أنه سبحانه موصوف على كل شيء قدير، والممتنع بنفسه الذي ليس بشيء ولا يدخل في العموم لا يكون عدم دخوله نقص في قدرته الشاملة.
وكذلك هو سبحانه بكل شيء عليم، فيعلم الأشياء على ما هي عليه، فما لم يكن موجوداً لا يعلمه موجوداً، كما قال تعالى {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض} [يونس: 18] ،