وهو حال الباطنية وأشباههم، ممن يتظاهر بالإسلام واتباع القرآن والرسالة، بل بموالاة أولياء الله تعالى من أهل بيت النبوة وغيرهم من الصالحين، وهو في الباطن من أعظم الناس مناقضة للرسول فيما أخبر به وما أمر به، لكنه يتكلم بألفاظ القرآن والحديث، ويضم إلى ذلك من المكذوبات ما لا يحصيه إلا الله، ثم يتأول ذلك من التأويلات بما يناسب ما أبطنه من الأمور المناقضة لخبر الله ورسوله، وأمر الله ورسوله، ويظهر تلك التأويلات لمستجيبيه بحسب ما يراه من قبولهم وموافقتهم له.
مثل أن يروا أن العالم كله مفعول ومصنوع لشيء يسميه العقل الأول، فجعله هو رب الكائنات، ومبدع الأرض والسموات، ولكنه لازم للواجب بنفسه، ومعلول له، وأنه يلزمه عقل ونفس وفلك، ثم يلزم ذلك العقل عقل ونفس وفلك، حتى ينتهي الأمر إلى العقل العاشر، الذي أبدع بزعمه جميع ما تحت السماء من العناصر والحيوان والمعادن وغير ذلك، وهو الذي يفيض عنه العلم والنبوة والرسالة وغير ذلك في أنفس العباد، وعنه صدر القرآن والتوراة وغير ذلك.
ثم يريد أن يوفق بين هذا وبين ما أخبرت به الرسل فيقول: هذه العقول هي الملائكة التي أخبرت بها الأنبياء، وقد يقول عن هذا العقل الفعال: إنه جبريل، الذي ما هو على الغيب بضنين أي ببخيل، لأنه دائم الفيض بزعمه، لكن يحصل الفيض بحسب استعداد القوابل.