فأفضى الأمر بمن سلك سبيل هؤلاء إلى الإلحاد في الإيمان بالله واليوم والآخر والعمل الصالح، وسرى ذلك في كثير من الخائضين في الحقائق، من أهل النظر والتأله من أهل الكلام والتصوف، حتى آل الأمر بملاحدة المتصوفة كابن عربي صاحب فصوص الحكم وأمثاله إلى أن جعلوا الوجود واحداً، وجعلوا وجود الخالق هو وجود المخلوق وهذا تعطيل للخالق.
وحقيقة قولهم فيه مضاهاة لقول الدهرية الطبيعية الذين لا يقرون بواجب أبدع الممكن، وهو قول فرعون، ولهذا كانوا معظمين لفرعون.
ثم إنهم جعلوا أهل النار يتنعمون فيها، كما يتنعم أهل الجنة في الجنة، فكفروا بحقيقة اليوم الآخر، ثم ادعوا أن الولاية أفضل من النبوة، وأن خاتم الأولياء وهو شيء لا حقيقة له زعموا أنه أفضل من خاتم الأنبياء، بل ومن جميع الأنبياء وأنهم كلهم يستفيدون من مشكاته العلم بالله، الذي حقيقته عندهم أن وجود المخلوق هو وجود الخالق.
وكان قولهم كما يقال لمن قال: فخر عليهم السقف من تحتهم، لا عقل ولا قرآن، فإن المتأخر يستفيد من المتقدم دون العكس، والأنبياء أفضل من غيرهم، فخالفوا الحس والعقل مع كفرهم بالشرع.
وآخر تحقيقهم استحلال المحرمات وترك الواجبات، كما كان يفعل أبرع محققيهم: التلمساني وأمثاله.
هذا وشيوخ التصوف المشهورون من أبرأ الناس من هذا المذهب، وأبعدهم عنه، وأعظمهم نكيراً عليه وعلى أهله.
وللشيوخ المشهورين بالخير، كالفضل بن عياض وأبي سليمان الداراني والجنيد بن محمد