والناس فيه على أربعة أقوال قيل يمتنع في الماضي والمستقبل كقول جهم وابي الهذيل ولهذا قال الجهم بفناء الجنة والنار وقال أبو الهذيل بفناء حركاتهما.

وقيل: يمتنع في الماضي دون المستقبل، وهو قول كثير من طوائف أهل الكلام، كأكثر المعتزلة والأشعرية والكرامية وغيرهم.

وقيل: يجوز فيهما فيما هو مفتقر إلى غيره كالفلك، سواء قيل: إنه محتاج إلى مبدع، كقول أبن سينا وأتباعه، أو قيل: إنه محتاج إلى ما يتشبه به كقول أرسطو وأتباعه.

وقيل: يجوز فيهما، لكن لا يجوز ذلك فيما سوى الرب، فإنه مخلوق مفعول، وحوادثه القائمة به لا تحصل إلا من غيره، فهو محتاج في نفسه وحوادثه إلى غيره، والمحتاج لا يكون إلا مربوبا، والمربوب لا يكون إلا مخلوقاً محدثاً، والمحدث لا يقوم به حوادث لا أول لها، فغن ما لم يسبق الحادث المعين والحوادث المحدودة فهو محدث مثلها باتفاق العقلاء، إذ لو كان لم يسبقها فإما أن يكون معها أو بعدها، وعلى التقديرين فهو حادث، بخلاف الرب القديم الأزلي الواجب بنفسه، فإنه إذا كان لم يزل متكلماً إذا شاء فعالاً لما يشاء، كان ذلك من كماله، وكان هذا كما قاله أئمة السنة والحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015