معدوماً في الأزل وعدمه صفة نقص فكان متصفاً بالنقص كان بمنزلة من يقول إنه لا يقدر أن يحدث الحوادث ولا يفعل ذلك لأنه لو قدر على ذلك وفعله لكان إحداثه للحادث الثاني معدوماً قبل إحداثه وذلك نقص فيكون متصفاً بالنقص.
فيقال: أنت وصفته بالكمال عن النقص، حذراً من أن تصفه بما هو عندك نوع نقص، فإن من لا يفعل قط، ولا يقدر أن يفعل، هو أعظم نقصاً ممن يقدر على الفعل ويفعله والفعل لا يكون إلا حادثاً شيئاً بعد شيء.
وهذه عادة النفاة، لا ينفون شيئاً من الصفات فراراً من محذور إلا لزمهم في النفي أعظم من ذلك المحذور، كنفاة الصفات من الباطنية من المتفلسفة وغيرهم، لما قبل لهم إذا لم يوصف بالعلم والقدرة والحياة لزم أن يتصف بما يقابل ذلك كالعجز والجهل والموت.
فقالوا: إنما يلزم ذلك لو كان قابلاً للاتصاف بذلك فإن المتقابلين تقابل السلب والإيجاب كالوجود والعدم إذا عدم أحدهما ثبت الآخر.
وأما المتقابلان تقابل العدم والملكة، كالحياة والموت، والعمى والبصر فقد يخلو المحل عنهما، كالجماد فإنه لا يوصف لا بهذا ولا بهذا.