وفي ختام هذا الرد نبين:

أنه لم تسجل حياة رجل في التاريخ، وتحصى عليه كلماته وحركاته وسكناته في حله وترحاله، في بيته وخارج بيته مثل النبي صلي الله عليه وسلم، فقد كان الناقلون ينقلون، بل ويتعبدون بنقل كل شيء عنه، صغر أو كبر، فرجل كما يقال: تحت المجهر إلى آخر لحظة من حياته، هل يمكن أن تقع الجهالة بحقيقة مصدره في العلم، وهل يمكن أن يكون عنده من يختلف إليه ليأخذ عنه العلم، ولا يشعر به أصحابه؟، ومن هو هذا الرجل الذي يمكن أن يكون أعلم الناس، بل لا يدانيه في علمه أحد، ومع هذا يخفي نفسه، ويذهب بالحمد والشهرة غيره؟!

إن دعوى كهذه لاشك أن مدعيها لا يعي ما يقول، وإنما مراده أن يقول شيئاً.

ومما يدل أيضاً على كذب دعوى كهذه:

أن الرسول عليه الصلاة والسلام عاش حياته الأولى، بل الجزء الأكبر من حياته في مكة، وغادرها وهو في الثالثة والخمسين من العمر عليه الصلاة والسلام، وعاش فيها بعد البعثة ثلاثة عشر عاماً، وخلال هذه المدة نزل عليه جملة كبيرة من القرآن.

ومن المعلوم أن مكة ليس فيها يهود ولا نصارى، ولا كانوا يختلفون إليها حجاجاً ولا زائرين، لأنها لا تشكل شيئاً بالنسبة لهم، فبالتالي دعوى أنه تعلم من اليهود أو من النصارى دعوى فارغة، خالية من أي مضمون، وإلا فليكشفوا عن هذا اليهودي ذو النفس العظيمة والمتواضعة وذو العلم الجم والمحبة الفائقة ونكران الذات الذي علم النبي صلوات الله وسلامه عليه. وليكشفوا عن ذلك النصراني الذي علم النبي عليه الصلاة والسلام. لاشك أنهم لم يجدوه، ولن يجدوه، لأنه لا وجود له في الحقيقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015