مقام الأمير
لأول مرة في التاريخ الحديث للجزيرة العربية قامت إمارة لها نظام وطيد يسود فيه القانون وتنتظم العدالة وتنفذ أحكام الدين. وقد عهد إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب أن يضع هذا النظام فتلتزمه الدولة أتم التزام.
ولقد نزل شيخ الإمارة الأول محمد بن سعود عن لقبه وعن قيام الناس له مهابة وإجلالا، ولم يعد من حق أحد أن يحمل لقب الشيخ إلا رجل من رجال الدين، ثم يتساوى في الدولة الغني والفقير، وكما فرض الإسلام من مساواة. وكان نزول الأمير عن لقبه وعن قيام الناس له بداية هذه المساواة، بل هي بداية انحسام داء الرياء الذي هو الشرك الأصغر -كما كانوا يعدونه على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وكذلك انسد باب الغلو والإطراء1.
وكان الكبار جميعا من قبل محمد بن سعود يتخذون الحجاب والحراس، فأزال الروح الديني الجديد هذه الأبهة والفخامة- ودام ذلك التقليد طوال أيام محمد بن سعود وابنه عبد العزيز، فلما صرع عبد العزيز عاد الأمير اضطرارا إلى اتخاذ الحراس والحجاب وتحصنت بيوت الأمراء وفرض الإذن للدخول عليهم.