أما الحرب الوهابية فإن تركيا كلفت واليها على مصر "محمد علي" بمحاربة الوهابيين بعد أن لم تتمكن من إخضاعهم أو إيقافهم عن التوسع في الجزيرة وتهديد مقام الخلافة ومهابتها بانتقاص أرضها وكسر جيوشها وتعلل محمد علي في أول الأمر باشتغاله بتصفية المماليك، ثم لم يجد مفرا من تنفيذ الرغبة حتى تتجدد ولايته ويتمكن سلطانه ويرتفع شأنه.
ويبدو أنه كان متيقنا من النصر لقوة سلاحه ولاستطاعته أن يسخر مصر كلها رجالا ومالا، فمضى إلى الحرب بعد أن تلكأ عن الإجابة ثلاث سنوات، ثم خاضها بحجة استرداد الحرمين وتأمين سبيل الحاج، وسير جندا كثيفا خليطا من الفلاحين والأتراك والمرتزقة وشذاذ الأعراب إلى أرض الجزيرة1.
وجهز محمد علي أول حملة بقيادة ابنه أحمد طوسون وكان لم يزل بعد في السابعة عشرة من عمره فسارت الحملة برا وبحرا في قسمين يلتقيان في ينبع. وقد حانت الفرصة لمحمد علي فاتخذها تكأة ليبني له أسطولا ودور تجارة وصناعة لجلب مواد البناء والتشييد والإصلاح، وخبأ القدر عن تركيا أن هذا الأسطول سيتوجه إلى شواطئها وشواطئ ولاياتها في مستقبل الأيام.
واستخدم محمد علي في الحملة طوائف الصناع من كل الحرف كما استخدم عددا من العربان الذين خبروا البادية وعرفوا مواقعها وطرق السير فيها. ولم يفته أن يوهم بأنه مهتم بالفكر والدين، فزود الحملة بأربعة من أئمة مذاهب أهل السنة- حتى المذهب الحنبلي مذهب الوهابيين، ساق إمامه أيضا ليكون قوله حجة أقوى على الوهابيين في نظر الناس واعتذر عن الذهاب شيخان من رشيد ودمياط فأعفيا من السفر2.
ووقف الجيش المصري موقفا ضنكا أمام صلابة سعود بن عبد العزيز