لبعضهم البعض: يا أسفا على مثل هذا إذا ذهب إلى إسطمبول يقتلونه .. ثم توجهوا به إلى بولاق، وأنزلوه في السفينة مع نجيب (مبعوث السلطان)، ووضعوا في عنقه الجنزير، وانحدروا طالبين الديار الرومية"!
مع أبطال الجزيرة العربية .. الذين يقاتلون عن "دينهم ووطنهم" .. أم قتلة وجلادي الديار الرومية؟ إلا أنه مما يثير الانتباه، ليس فقط "الجبرتي" المنحاز بوضوح للوهابين، وإنما المثير هو موقف جهاز محمد علي، المتأسِّف على قتل الأتراك في إسطمبول لهذا العربي الذكي، وقد يكون ذلك شعور الجهاز العامل في القاهرة، تحت تأثير ضميرهم الإسلامي، إلا أننا نلاحظ أيضًا أن محمد على وجهازه وأولاده كانوا يسلكون في معاملتهم للعناصر الوهابية، خارج ميدان القتال سلوكًا مختلفًا إلى حد كبير عن السلوك المعتاد من السلطات العثمانية في معاملة الأسرى، وبالذات الذين تعتبرهم متمردين .. وتفسير هذا الموقف، يحتاج لدراسة شديدة التعقيد، ولكننا سنجد عليه أكثر من شاهد ودليل، سواء في الجبرتي أو ابن بشر .. وأن كانت هناك بالطبع فظائع في القتال، وفي تحطيم المقاومة، في حدود الأساليب المتعارف عليها وقتها، وإنما الفارق هو في المشروعية، فالوهابيون كانوا يقاتلون في سبيل وطنهم ولصالح المستقبل العربي والإسلامي، بينما محمد علي وأولاده كانوا مجرد أداة لضرب ذلك كله .. ومن ثَمَّ لا تجوز مقارنة كربلاء بالدرعية ..