حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَبْرَائيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَزورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزورَنَا؟» فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَتْلَى أُحُدٍ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا للقُرآنِ؟» فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ قَدَّمَهُ مِنَ اللَّحْدِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ أَكْثَرَ مَغَالِيطِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ حِينَ لَمْ يَعْرِفُوا الْمَجَازَ مِنَ التَّحْقِيقِ، وَلَا الْفِعْلِ مِنَ الْمَفْعولِ، وَلَا الْوَصْفِ مِنَ الصِّفَةِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْكَذِبَ لِمَ صَارَ كَذِبًا، وَلَا الصِّدْقَ لِمَ صَارَ صِدْقًا، فَأَمَّا بَيَانُ الْمَجَازِ مِنَ التَّحْقِيقِ فَمِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفَرَسِ، وَجَدْتُهُ بَحْرًا وَهُوَ الَّذِي يَحُورُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَتَحْقيقُهُ أَنَّ مَشْيَهُ حَسَنٌ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: عِلْمُ اللَّهِ مَعَنَا وَفِينَا، وَأَنَا فِي عِلْمِ اللَّهِ، إِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: النَّهْرُ يَجْرِي، وَمعنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ يَجْرِي وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَأَشْبَاهُهُ فِي اللُّغَاتِ كَثِيرَةٌ "