الفصل الثالث
حركة عبد الله بن الزبير في عهد يزيد بن معاوية
كان يزيد غائبًا حين حضر معاوية الموت، فلما حضر يزيد كان قد دفن، فقصد يزيد باب الصغير حيث دفن أبوه، وهناك صلى على أبيه ومن خلفه المسلمون، فكبر أربعًا (?)، ولما خرج من المقبرة أتى بمراكب الخلافة فركب، ثم دخل البلد، وأمر فنودي في الناس أن الصلاة جامعة، ودخل الخضراء- وهو قصر بناه معاوية - فاغتسل ولبس ثيابًا حسنة، ثم خرج فخطب الناس أول خطبة خطبها وهو أمير المؤمنين، فقال - بعد أن حمد الله وأثنى عليه-: أيها الناس، إن معاوية عبد من عبيد الله، أنعم الله عليه، ثم قبضه إليه، وهو خير ممن بعده، ودون من قبله، ولا أزكيه على الله - عز وجل - فإنه أعلم به، إن عفا عنه فبرحمته، وإن عاقبه فبذنبه، وقد وليت الأمر من بعده، ولست آسى على طلب، ولا أعتذر من تفريط، وإذا أراد الله شيئًا كان .. وقال لهم في خطبته هذه: إن معاوية كان يغزيكم في البحر، وإني لست حاملاً أحدًا من المسلمين في البحر، وإن معاوية كان يشتيكم بأرض الروم، ولست مشتيًا أحدًا بأرض الروم، وإن معاوية كان يخرج لكم العطاء أثلاثًا، وأنا أجمعه لكم كله .. فافترق الناس، وهم لا يفضلون عليه أحدًا (?).
وفي هذه الخطبة شرح يزيد سياسته في قيادة الأمة، ووضح خطته التي سيلتزمها أثناء خلافته، وهي سياسة استطاع أن يكسب بها قلوب أهل الشام.