بعضهم بالبخل إذ لم يكن مبذرًا يعطى عن يمين وعن شمال من لا يستحق، ولم يكن مسرفًا فلا يدفع إلا قدر الحاجة، ولا يُقدّم للمدّاحين والمتزلّفين، وهم عادة أصحاب ألسنة حادة ومنها تخرج الشائعات الهادفة، غير أن ابن الزبير لم يكن يُبالي بما يُقال، ما دام أنه على الجادة (?)، وقد انساق كثير من الباحثين وراء روايات الخصوم واتهموا ابن الزبير بالبخل، وهذا الوصف فيه تجنٍّ على حقيقة ابن الزبير، وللأسف أن أصحاب الدراسات الحديثة لم يلتفتوا إلى الروايات الأخرى التي تنفى صفة البخل عن ابن الزبير (?)، والذي يظهر أن صفة البخل التي وصف بها ابن الزبير كانت بسبب سياسته المالية المتشددة، ذلك أن ابن الزبير كان يتأسى بالخلفاء الراشدين وينظر إلى ما بيده من مال أنه ليس ملكًا له وإنما هو للمسلمين، ومن ثمّ لا ينفقه إلا في وجوهه الشرعية (?) فالذين عاشوا في ذلك العصر ورأوا سياسة ابن الزبير المتشددة وقارنوها بسياسة الأمويين في الإنفاق لكسب الأنصار والمؤيدين والشعراء، اتهم بعضهم ابن الزبير بالبخل، وهذه الآثار تدل على كرم وجود ابن الزبير - رضي الله عنه - وحرصه على أموال المسلمين:

أ- شهادة السيدة عائشة في كرم ابن الزبير: قالت عائشة بنت طلحة: خرجت مع أم المؤمنين عائشة - وهي خالة عائشة بنت طلحة - فبينما نحن كذلك إذا براجز يقول:

أنشد من كان يعيد الهمّ

يدلني اليوم على ابن أمّ

له أب في باذخ أَشَمّ

وأمه كالبدر ليل تمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015