المهلب بن أبي صفرة -وكان من رجاله في ذلك الوقت- يستشيره, قال له: أعلم أن أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم, فلا تبعدني عنك. فقال مصعب: إن أهل البصرة قد أبوا أن يسيروا حتى أجعلك على قتال الخوارج, وهم قد بلغوا سوق الأهواز, وأنا أكره إذا سار عبد الملك إليّ ألا أسير إليه, فاكفني هذا الثغر (?). في الوقت الذي كان عبد الملك يكاتب فيه زعماء أهل العراق من قواد مصعب والذين قبلوا التخلي عنه والانضمام إليه (?)؛ كان حريصًا على ألا يقاتل مصعبًا, للمودة والصداقة القديمة التي كانت بينهما, فأرسل إليه رجلاً من كلب, وقال له: أقرئ ابن أختك السلام - وكانت أم مصعب كلبية- وقل له يدع دعاءه إلى أخيه, وأدع دعائي إلى نفسي, ويجعل الأمر شورى, فقال له مصعب: قل له: السيف بيننا (?).

ثم حاول عبد الملك محاولة أخرى؛ فأرسل إليه أخاه محمدًا ليقول له: إن ابن عمك يعطيك الأمان, فقال مصعب: إن مثلي لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبًا أو مغلوبًا (?). ثم دارت المعركة فبدأت خيانات أهل العراق تظهر, فقد أمد مصعب إبراهيم بن الأشتر بعتَّاب بن ورقاء, وهو من الذين كانوا كاتبوا عبد الملك, فاستاء إبراهيم من ذلك وقال: قد قلت له لا تمدني بعتاب وضربائه, إنا لله وإنا إليه راجعون, فانهزم عتاب بالناس. فلما انهزم صبر ابن الأشتر فقتل (?) , فكان مقتله خسارة كبرى لمصعب, لأنه -فوق شجاعته- كان مخلصًا له غاية الإخلاص, ولذلك لما اشتد القتال على مصعب وتحرج موقفه صاح قائلاً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015