فقال عمرو: إنا لله يا أمير المؤمنين, فقال له عبد الملك: أو تطمع أن تتحدَّث معي متقلدًا سيفك؟ فأخذ الغلام السيف عنه, ثم تحدثا ساعة, ثم قال له عبد الملك: يا أبا أمية. قال: لبيك يا أمير المؤمنين, قال: إنك حيث خلعتني آليت بيميني إن ملأت عيني منك وأنا مالك لك أن أجمعك في جامعة. فقال بنو مروان: تم تطلقه يا أمير المؤمنين؟ قال: ثم أُطلقه, وما عسيت أن أفعل بأبي أمية؟ فقال بنو مروان: أبرّ قسم أمير المؤمنين, فقال عمرو: فأبرّ قسمك يا أمير المؤمنين. فأخرج عبد الملك من تحت فراشه جامعة فطرحها إليه, ثم قال: يا غلام, قم فاجمعه فيها. فقام الغلام فجمعه فيها, فقال عمرو: أُذكِّرُك الله يا أمير المؤمنين أن تخرجني فيها على رءوس الناس, فقال عبد الملك: أمكرًا يا أبا أمية عند الموت؟ لاها الله إذًا, ما كنا لنخرجك في جامعة على رءوس الناس ولما نخرجها منك إلا صعدًا (?). ثم اجتذبه اجتذابة أصاب فمه السرير فكسر ثنيته, فقال عمرو: أُذكِّرك الله يا أمير المؤمنين أن يدعوك كسر عظيم إلى ما هو أعظم من ذلك.
فقال عبد الملك: والله لو أعلم أنك إذا بقيت تفي لي وتصلح قريش لأطلقتك, ولكن ما اجتمع رجلان قط في بلد على ما نحن عليه إلا أخرج أحدهما صاحبه (?) , وجاء في رواية: أن عبد الملك كلف أخاه عبد العزيز بقتله, وخرج لصلاة العصر, ولما رجع من صلاته وجد أخاه لم يقتله, فلامه وسبه وسب أمه -ولم تكن أم عبد العزيز أم عبد الملك- فقال: إنه ناشدني الله والرحم -وكان ابن عمة عبد الملك بن مروان- ثم إن عبد الملك قال: يا غلام, ائتني بالحربة, فأتاه بها, فهزها وضربه بها فلم تغن شيئًا, ثم ثنى فلم تغن شيئًا, فضرب بيده إلى عضد عمرو فوجد مس الدرع فضحك وقال: ودارعٌ أيضًا, إن