فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله؛ فإن أخْذ الكلب ذكاته)) ، وفيه: ((إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه)) ، وفيه: ((وإن غاب عنك يومًا أو يومين)) ، وفي رواية: ((اليومين والثلاثة فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فَكُلْ إن شئت، وإن وجدته غريقًا في الماء فلا تأكل؛ فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك؟)) .

قوله: قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها)) فيه أنه لا يحلُّ أكل ما شارَكَه في اصطياده كلب آخر؛ لقوله: ((فإنما سمَّيت على كلبك ولم تسمِّ على غيره)) فإن تحقَّق أن الذين أرسله من أهل الذكاة حلَّ، وهو للأوَّل منهما.

قوله: "فإني أرمي بالمعراض الصيد" المعراض سهمٌ لا ريش له ولا نصل، وقيل: عصا رأسها محدَّد، وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يرمي الصائد بها، فما أصاب بحدِّه فهو ذكي فيُؤكَل، وما أصاب بغير حدِّه فهو وقيذ، وقال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة، البندقة تتَّخذ من طين وتيبس فيرمى بها، وأمَّا البنادق المعروفة الآن فحكمها حكم السهام.

قال الحافظ: والحاصل أن السهم وما في معناه إذا أصاب الصيد بحدِّه حل وكانت تلك ذكاته، وإذا أصابه بعرضه لم يحلَّ؛ لأنه في معنى الخشبة الثقيلة والحجر ونحو ذلك من المثقل.

قوله: ((فإن أكل فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه)) فيه تحريم الصيد الذي أكل الكلب منه ولو كان معلمًا، وهو قول الجمهور؛ لقوله - تعالى -: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ، واستدلَّ الجمهور بقوله: ((كل ما أمسك عليك)) بأنه لو أرسل كلبه على صيدٍ فاصطاد غيره حلَّ، قال بعض العلماء: يعفى عن معض الكلب ولو كان نجسًا.

قوله: ((فإنَّ أخذ الكلب ذكاته)) فيه جواز أكل ما أمسكه الكلب المعلم ولو لم يذبح، فلو قتل الصيد بظفره أو نابه حلَّ، وكذا لو لم يقتله الكلب، لكن تركه وبه رمق ولم يبقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015