فأهوى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل، فقلت: تأكله؟ هو ضب، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فلم يأكل، فقلت: يا رسول الله، أحرام هو؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) ، قال خالد: فاجتررته فأكلته والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر".
قولها: "فقلت: تأكله؟ هو ضب" ولمسلم: "قالت ميمونة: إنه لحم ضب، فكفَّ يده"، وفي حديث ابن عمر: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الضب لست آكله ولا أحرمه)) .
قوله: ((إنه لم يكن بأرض قومي)) ؛ أي: قريش؛ يعني: لم يكن بأرض مكة وما حولها، ولا يمنع ذلك أن تكون موجودة بسائر بلاد الحجاز، وفي الحديث
جواز أكل الضب، وفي حديث ابن عمر: ((كلوا وأطعموا فإنه حلال)) ، وفيه أن مطلق النفرة وعدم الاستطابة لا يستلزم التحريم، وفيه أن الطباع تختلف في النفور عن بعض المأكولات، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤاكِل أصحابه ويأكل اللحم حيث تيسَّر، وأنه كان لا يعلم من المغيبات إلا ما أعلمه الله - تعالى - وفيه فضيلة ميمونة أم المؤمنين وصدق فراستها - رضي الله عنها - والله أعلم.
* * *
الحديث السابع
عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبغ غزوات نأكل الجراد".
الحديث دليلٌ على جواز أكل الجراد، وأنه حلال، ويجوز أكله بغير تذكية؛ لحديث ابن عمر رفعه: ((أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد