قوله: ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن)) ؛ أي: بأدلتهما الظاهرة.

قوله: ((وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)) ، وللترمذي: ((لا يدري كثيرٌ من الناس أمِنَ الحلال هي أم من الحرام، ومفهومه أن معرفة حكمها ممكِن لكن للقليل من الناس.

قوله: ((فمَن اتَّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)) ؛ أي: مَن حذر منها فقد برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور

الدين ومراعاة المروءة، قال بعض العلماء: المكروه عقبة بين العبد والحرام فمَن استكثر من المكروه تطرَّق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمَن استكثر منه تطرَّق إلى المكروه.

قوله: ((ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) ، في رواية: ((فمَن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان له أترك، ومَن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حِمَى الله، مَن رتع حول الحِمَى يُوشِك أن يواقعه)) .

قوله: ((ألاَ وإن لكل ملك حِمَى، ألاَ وإن حِمَى الله محارمه)) قال الحافظ: كان ملوك العرب يحمون لمواشيهم أماكن مختصَّة يتوعَّدون مَن يرعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة، فمثَّل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما هو مشهور عندهم، فالخائف من العقوبة المراقب لرضا الملك يبعد عن ذلك الحمى؛ خشية أن تقع مواشيه في شيء منه، فبعده أسلم له ولو اشتدَّ حذره، وغير الخائف المراقب يقرب منه ويرعى من جوانبه، فلا يأمن أن تنفرد الفاذة فتقع فيه بغير اختياره أو بمحلِّ المكان الذي هو فيه، ويقع الخصب في الحمى فلا يملك نفسه أن يقع فيه، فالله - سبحانه وتعالى - هو الملك حقًّا وحماه محارمه.

قوله: ((ألاَ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألاَ وهي القلب)) (ألا) للتنبيه على صحة ما بعدها، والمضغة: القطعة من اللحم، وهي قدر ما يمضغ، وسمي القلب قلبًا لتقلُّبه في الأمور، وخصَّ القلب لأنه أمير البدن، وبصلاح الأمير تصلح الرعية، وبفساده تفسد، وفيه إشارة أن لطيب الكسب أثرًا في صلاح القلب، اهـ.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015