لا يُغنِي من القدر شيئًا، فلا يسوق إليه خيرًا لم يقدَّر له ولا يردُّ عنه شرًّا قُضِي عليه، لكن النذر قد يوافق القدر فيخرج من البخيل ما لولاه لم يكن ليخرجه، اهـ.
وفي الحديث الردُّ على القدرية، وأمَّا ما أخرجه الترمذي من حديث أنس: أن الصدقة تدفع ميتة السوء؛ فمعناه: أن الصدقة تكون سببًا لدفع ميتة السوء والأسباب مقدَّرة كالمسببات، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِل عن الرقي: ((هل تردُّ من قدَر الله شيئًا؟)) ، قال: ((هي من قدر الله)) ؛ أخرجه أبو داود، ونحوه قول عمر: نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله.
وفيه الحثُّ على الإخلاص في عمل الخير وذم البخل، وفيه أن كلَّ شيء يبتدئه المكلَّف من وجوه البرِّ أفضل ممَّا يلتزم بالنذر، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: "نذرتْ أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته فقال: ((لتمشِ ولتركب)) .
الحديث دليلٌ على صحة النذر بإتيان البيت الحرام، وعن أنس - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخًا يهادي بين ابنيه، قال: ((ما بال هذا؟)) ، قالوا: نذر أن يمشي، قال: ((إن الله عن تعذيب هذا نفسَه لغني)) ، وأمره أن يركب"، وعن عقبة بن عامر رفعه: ((كفارة النذر كفارة اليمين)) ؛ أخرجه مسلم.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((جاء رجل فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تحجَّ ماشية، فقال: ((إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، لتحجَّ راكبة ثم لتكفِّر يمينها)) ؛ أخرجه الحاكم.
وعنه: "أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هديًا"؛ أخرجه أبو داود، والله أعلم.
* * *