هؤلاء الأشعريون، فأتيناه فأمر لنا بخمس ذود غر الذري، فاندفعنا، وفيه: فرجعنا، فقلنا: يا رسول الله، أتيناك نستحملك فحلفت أن لا تحملنا، ثم حملتنا فظننَّا أو فعرفنا أنك نسيت يمينك، قال: ((انطلقوا فإنما حملكم الله، إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها)) .

قوله: ((وتحللتها)) ؛ أي: كفرت عنها.

* * *

الحديث الثالث

عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) ، ولمسلم: ((فمَن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت)) ، وفي رواية قال عمر: "فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها ذاكرًا ولا آثرًا"، يعني: حاكيًا أنه حلف بها.

الحديث دليلٌ على المنع من الحلف بغير الله - تعالى - قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع، وعن عكرمة قال: قال عمر: "حدثت قومًا حديثًا، فقلت: لا وأبي، فقال رجل من خلفي: ((لا تحلفوا بآبائكم)) ، فالتفتُّ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خيرٌ من آبائكم)) ؛ رواه ابن أبي شيبة، قال الحافظ: وهذا مرسل يتقوَّى بشواهده.

وعن ابن عمر أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) ، قال الترمذي حسن.

قال العلماء: السرُّ في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده، وقال الماوردي: لا يجوز لأحدٍ أن

يحلف أحدًا بغير الله، لا بطلاق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015