يفرق بين مراتب المعاصي؛ فما ورد فيه تقدير لا يُزَاد عليه وهو المستثنَى في الأصل، وما لم يرد فيه تقدير فإن كانت كبيرة جازت الزيادة فيه وأطلق عليه اسم الحد كما في الآيات المُشَار إليها والتحق بالمستثنى، وإن كانت صغيرة فهو المقصود بمنع الزيادة، انتهى.
تتمَّة:
التعزير يكون بالضرب والحبس والهجر والتوبيخ في كلِّ معصية لا حدَّ فيها.
وعن النعمان بن بشير: "أنه رفع إليه رجل غشى جارية امرأته، فقال: لأقضين فيها بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كانت أحلَّتها لك جلدتك مائة جلدة وإن كانت لم تحلَّها لك رجمتك"؛ رواه الخمسة.
وعن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلاً في تهمة، ثم خلى سبيله"؛ رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
قال الأوزاعي: "لا يبلغ بالتعزير الحد"؛ أي: لا يبلغ بكلِّ جناية حدًّا مشروعًا في جنسها، ويجوز أن يزيد على حدِّ غير جنسها؛ لحديث سعيد بن المسيب عن عمر في أمَة بين رجلَين وطئها أحدهما: "يُجلَد الحدَّ إلا سوطًا واحدًا"؛ رواه الأثرم واحتجَّ به أحمد.
وروى أحمد: "أن عليًّا أُتِي بالنجاشي قد شرب خمرًا في رمضان، فجلده ثمانين: الحد، وعشرين سوطًا لفطره في رمضان".
وعن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)) ؛ رواه الخمسة إلا النسائي.
وعن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس: "في البكر يوجد على اللوطية يرجم اللوطي محصنًا كان أو غير محصن"؛ رواه أبو داود.
وعن علي أنه رجم لوطيًّا قال: إن فعل، وبهذا نأخذ برجم اللوطي محصنًا كان أو غير محصن، وأخرج البيهقي أيضًا عن أبي بكر: "أنه جمع الناس في حق رجل يُنكَح كما تُنكَح النساء، فسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فكان من أشدِّهم يومئذ قولاً عليُّ بن أبي طالب قال: هذا ذنب لم تعصِ به أمَّة من الأمم إلا أمَّة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن تحرقه بالنار، فاجتمع أصحاب رسول الله -