من الأمم، ولا سيَّما مَن خالَف أمر الشرع، وفيه الرحمة لِمَن أُقِيم عليه الحدُّ بعد إقامته عليه، قالت عائشة: فحسنت توبتها بعدُ وتزوَّجت، وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
* * *
الحديث الأول
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِي برجل قد شرب الخمر فجَلَده بجريدة نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوفٍ: أخفُّ الحدود ثمانون، فأمر به عمر - رضي الله عنه".
الخمر محرَّم بالكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90- 91] .
قوله: "فجلده بجريدة" وفي حديث أبي هريرة: أُتِي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب فقال: ((اضربوه)) ، قال: فمنَّا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلمَّا انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: ((لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) ؛ رواه أحمد والبخاري وأبو داود، وزاد في رواية: "ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بكِّتوه، فأقبلوا عليه يقولون له: ما اتَّقيت الله - عزَّ وجلَّ - ما خشيت الله - جل ثناؤه - ما استحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أرسلوه".
قال النووي: أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال، والأصحُّ جوازه