أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - يقول: "كنت فيمَن رجمه، فرجمناه بالمصلى فلمَّا أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه"، الرجل هو ماعز بن مالك.
قوله: "حتى ثنى"؛ أي: ردَّد، وفي حديث بريدة عند مسلم قال: ((ويحك، ارجع فاستغفِر الله وتُبْ إليه)) ، فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله، طهِّرني.
قوله: ((أبِكَ جنون)) ، قال: لا، وفي حديث بريدة: "فأرسل إلى قومه فقالوا: ما تعلمه إلا وفيَّ العَقْلِ من صالحينا، وفيه: ((أشربت خمرًا)) ، قال: لا، وفيه: "فقام رجلٌ فاستنكهه فلم يجد منه ريحًا".
قوله: ((فهل أحصنت)) ؛ أي: تزوجت، وفي حديث أبي هريرة المذكور: ((أَنِكْتَها؟)) ، قال: نعم، قال: ((تدري ما الزنا؟)) ، قال: نعم، قال: ((دخل ذلك منك في ذلك منها؟)) ، قال: نعم، قال: ((كما يغيب المِرْوَد في المُكْحُلة، أو الرشاء في البئر؟)) ، قال: نعم، قال: ((تدري ما الزنا؟)) ، قال: نعم، أتيت منها حرامًا ما
يأتي الرجل من امرأته حلالاً، قال: ((فما تريد بهذا القول؟)) ، قال: تُطهِّرني، فأمر به فرُجِم.
قوله: "فلمَّا أذلقته الحجارة"؛ أي: أقلقته هرب، وعند الترمذي: فلمَّا وجد مسَّ الحجارة فرَّ يشتد حتى مرَّ برجل معه لحى جمل فضربه وضربه الناس حتى مات.
وفي الحديث: أنه يستحبُّ لِمَن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها، ولا يُخبِر بها أحدًا، ويستتر بستر الله، واستدلَّ بقوله: "فلمَّا شهد على نفسه أربع شهادات" على اشتراط تكرير الإقرار بالزنا أربعًا، وتأوَّله الجمهور بأن ذلك وقع لزيادة الاستثبات، وفيه أن الإمام لا يشترط أن يرجم بنفسه ولا أن يبدأ بالرجم، وفيه أن الحدَّ لا يجب إلا بالإقرار الصريح، وفيه أن إقرار السكران لا أثر له.
قال الليث: يعمل بأفعاله ولا يعمل بأقواله؛ لأنه يلتذُّ بفعله ويشفى غيظه، ولا يفقه أكثر ما يقول؛ وقد قال - تعالى -: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] .
وفيه التثبت في إزهاق النفس والتعريض للمُقِرِّ بأن يرجع، وفيه أن مَن اطَّلع على مثل ذلك يستر عليه، ولا يفضحه ولا يرفعه إلى الإمام.
وفي القصة أن النبي - صلى