درهم؟)) ، فأعطاه الرجل درهمين فباعهما منه؛ رواه أحمد وأصحاب السنن.
قوله: ((ولا تناجشوا)) (النجش) : هو الزيادة في ثمن السلعة ممَّن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، فإن كان ذلك بمواطأة البائع فيشتركان في الإثم، وإلا
فيختصُّ بذلك الناجش، قال البخاري: وقال ابن أبي أوفى: الناجش آكِل ربا خائن، وهو خداع باطل لا يحلُّ.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الخديعة في النار، ومَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ)) ، اهـ.
قوله: ((ولا يبيع حاضر لبادٍ)) ، في رواية لمسلم: ((لا يبيع حاضر لبادٍ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) .
وقال البخاري: باب هل يبيع حاضر لبادٍ بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له)) ، اهـ.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لبادٍ)) ، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: ((لا يبيع حاضر لبادٍ)) ؟ قال: لا يكون له سمسارًا، وقوله: ((ولا يبيع)) نفي بمعنى النهي.
وصورة بيع الحاضر للبادي أن يحمل البدوي أو القروي متاعه إلى البلد ليبيعه بسعرِ يومِه ويرجع فيأتيه البلديُّ فيقول: ضعه عندي لأبيعه على التدريج بزيادة سعر وذلك إضرار بأهل البلد.
قوله: ((ولا تُصَرُّوا الإبل والغنم)) بضم التاء من صرَّى يصرِّي تصرية، والمصراة هي التي صرى لبنها وجمع، فلم يُحلَب أيامًا، وهو حرام؛ لأنه غش وخديعة، وفي رواية: ((مَن اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر)) .
قوله: ((فهو بخير النظرين)) ؛ أي: الرأيين.
قوله: ((إن رضيها أمسكها)) ؛ أي: أبقاها على ملكه، قال الحافظ: وهو يقتضي صحة بيع المصراة وإثبات الخيار للمشتري، وحكى البغوي أن لا خلاف في المذهب أنهما لو تراضيا بغير التمر من قوت أو غيره كفى.
قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصلٌ في النهي عن الغش، وأصلٌ في ثبوت الخيار لِمَن دلَّس عليه بعيب، وأصلٌ في أنه لا يفسد أصل البيع، وأصلٌ في أن مُدَّة الخيار ثلاثة أيام، وأصلٌ في تحريم التصرية وثبوت الخيار فيها.
* * *