الوقت أو الزمان، والتقدير الثلث كأنه قال: الليالي العشر التي هي الثلث الأوسط من الشهر، انتهى.
قال ابن دقيق العيد: في الحديث دليلٌ لِمَن يرجح ليلة إحدى وعشرين في طلب ليلة القدر، ومَن ذهب إلى أن ليلة القدر تنتقل في الليالي فله أن يقول: كانت في تلك السنة ليلة إحدى وعشرين، ولا يلزم من ذلك أن تترجَّح هذه الليلة مطلقًا، والقول بتنقُّلها حسن؛ لأن فيه جمعًا بين الأحاديث، وحثًّا على إحياء جميع تلك الليالي، انتهى.
وقال الحافظ بعدما ذكر الاختلاف فيها على ستة وأربعين قولاً، وأرجحها كلها أنها في وترٍ من العشر الأخير، وأنها تنتقل، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين.
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسِها بخلاف ما لو عُيِّنت لها ليلة لاقتصر عليها كما تقدَّم نحوه في ساعة الجمعة.
قال: وفي حديث أبي سعيد من الفوائد تركُ مسح جبهة المصلِّي، وفيه جواز السجود في الطين، وفيه الأمر بطلَب الأَوْلَى والإرشاد إلى تحصيل الأفضل، وأن النسيان جائزٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نقصَ عليه في ذلك لا سيَّما فيما لم يؤذَن له في تبليغه، وقد يكون في ذلك مصلحة تتعلَّق بالتشريع؛ كما في السهو في الصلاة، أو بالاجتهاد في العبادة؛ كما في هذه القصة، وفيه استعمال رمضان بدون شهر، واستحباب الاعتكاف فيه وترجيح اعتكاف العشر الأخير، وأن من الرؤيا ما يقع تعبيره مطابقًا، وترتُّب الأحكام على رؤيا الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.
* * *
باب الاعتكاف
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله - تعالى - ثم