أشهرهما لا يصام عنه، ولا يصح عن ميت صوم أصلا، والثاني: يستحب لوليه أن يصوم عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى إطعام، وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صحَّحه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، انتهى.

وقال الشوكاني: ظاهر الأحاديث أنه يصوم عنه وليُّه وإن لم يوصِ بذلك، وأن مَن صدق عليه اسم الولي لغةً أو شرعًا أو عرفًا صام عنه، ولا يصوم عنه مَن ليس بولي، انتهى، والله أعلم.

* * *

الحديث التاسع

عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يزال الناس بخيرٍ ما عجَّلوا الفطر وأخَّروا السحور)) .

فيه دليلٌ على استحباب تعجيل الإفطار بعد تحقُّق غروب الشمس، وتأخير السحور.

قوله: ((ما عجَّلوا الفطر)) (ما) ظرفية؛ أي: لا يزال الناس بخير مُدَّة فعلهم ذلك امتثالاً للسنة واقفين عند حدِّها غير متنطِّعين بعقولهم ما يغير قواعدها، وزاد أبو هريرة في هذا الحديث: "لأن اليهود والنصارى يؤخِّرون"؛ أخرجه أبو داود.

ولابن حبان والحاكم من حديث سهل: ((ولا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم)) .

قال الحافظ: من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة

لتحريم الأكل والشرب على مَن يريد الصيام زعما ممَّن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرَّهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذِّنون إلا بعد الغروب بدرجةٍ لتمكين الوقت - زعموا - فأخَّروا الفطر وعجَّلوا السحور وخالَفوا السنة؛ فلذلك قلَّ عنهم الخير وكثر فيهم الشر، والله المستعان.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015