دفعها، انتهى.
وقال الحافظ بعد ما شرح هذا الحديث فأجاد وأفاد: وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدَّم، السؤال عن حكم ما يفعله المرء مخالفًا للشرع، والتحدُّث بذلك لمصلحة معرفة الحكم، واستعمال الكناية فيما يستقبح ظهوره بصريح لفظه؛ لقوله: وقعت، وأصبت، وفيه الرفق بالمتعلِّم، والتلطُّف في التعليم، والتألُّف على الدين، والندم على المعصية، واستشعار الخوف، وفيه الجلوس في المسجد لغير الصلاة من المصالح الدينية كنشر العلم، وفيه جواز الضحك عند وجود سببه، وإخبار الرجل بما يقع منه مع أهله للحاجة، وفيه الحلف لتأكيد الكلام، وقبول قول المكلَّف مما لا يطَّلع عليه إلا من قِبَله؛ لقوله في جواب قوله: "أفقر منَّا": ((وأطعمه أهلك)) ، ويحتمل أن يكون هناك قرينة لصدقه، وفيه التعاون على العبادة والسعي في خلاص المسلم، وإعطاء الواحد فوق حاجته الراهنة، وإعطاء الكفَّارة أهل بيت واحد انتهى، والله أعلم.
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها - أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، قال: ((إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)) .
فيه دليلٌ على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، وأخرج أبو داود والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، إني صاحب ظهر أعالجه أسافر وأَكْرِيه، وإنه ربما صادَفَني هذا الشهر - يعني: رمضان - وأنا أجد القوَّة، وأجدني أن أصوم أهون عليَّ من أن أؤخِّر فيكون دَيْنًا علي، فقال: ((أي ذلك شئت يا حمزة)) .
* * *