الحديث الأول
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه)) .
صوم رمضان أحد أركان الإسلام، والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 183- 184] الآيات.
و (الصيام) في اللغة: الإمساك، وفي الشرع: الإمساك في النهار عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع.
وفي الحديث دليلٌ على النهي عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين إلا لِمَن له عادة فوافَق صومه ذلك.
قال الحافظ: قال العلماء: معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان.
قال الترمذي لمَّا أخرجه: العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجَّل الرجل بصيامٍ قبل دخول رمضان لمعنى رمضان، انتهى.
قال الحافظ: والحكمة في ذلك أن الحكم علق بالرؤية فمَن تقدَّمه بيومٍ أو يومين فقد حاوَل الطعن في ذلك الحكم، وهذا هو المعتمَد.
ومعنى الاستثناء: أن مَن كان له ورد فقد أذن له فيه؛ لأنه اعتاده وألِفَه وترك المألوف شديد، وليس ذلك من استقبال رمضان في شيء، ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوبهما، وفي الحديث ردٌّ على مَن يرى تقديم الصوم على الرؤية كالرافضة، وردٌّ على مَن قال بجواز صوم النفل المطلق، وفيه بيان لمعنى قوله