فِي حرف الْهمزَة فَارْجِع إِلَيْهِ هُنَاكَ وَكَانَت ولادَة المرشدي بِمَكَّة لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس جُمَادَى الأولى سنة خمس وَسبعين وَتِسْعمِائَة ولقب شرف الدّين وَقتل لَيْلَة الْجُمُعَة لأحدى عشرَة خلون من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف وَفِي الْمَشْهُور أَن سَبَب قَتله تَوليته ديوَان الْإِنْشَاء فِي ولَايَة الشريف محسن بن الْحُسَيْن بن الْحسن سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَألف فَلَمَّا توفّي الشريف محسن وَولي مَكَانَهُ الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب قبض على المرشدي فِي أَوَاخِر شهر رَمَضَان من سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسجنه وَنهب دَاره وَكتبه وَطَلَبه يَوْمًا إِلَى مَجْلِسه وَهُوَ غاص بأَهْله وعاتبه أَشد عتاب فَأَجَابَهُ بِأَحْسَن جَوَاب ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى السجْن وَقَالَ للحاضرين وَالله إِنِّي أعلم وأعتقد أَنه من أفضل عُلَمَاء زَمَانه وَأتقى أهل عصره وَاسْتمرّ فِي السجْن إِلَى يَوْم النَّحْر فَأمر بخنقه وَغسل وَصلى عَلَيْهِ وَدفن بالشبيكة بِالْقربِ من ضريح سيدنَا الْمسَاوِي وقبره بهَا مَعْرُوف يزار وَوجدت فِي رِسَالَة بِخَط الْعَالم عبد الرَّحْمَن الْعِمَادِيّ مفتي الشَّام كتب بهَا إِلَى أبي الْعَبَّاس الْمقري يذكر فِيهَا قتلة المرشدي ويعزيه من جُمْلَتهَا وَأما مُصِيبَة من كَانَ وليي وَسمي ومنجدي الشَّهِيد السعيد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن المرشدي فَإِنَّهَا وَإِن أَصَابَت منا ومنكم الْأَخَوَيْنِ فقد عَمت الْحَرَمَيْنِ بل طمت الثقلَيْن وَلَقَد عد مصابه فِي الْإِسْلَام ثلمة وفقد مِنْهُ فِي حرم الله من كَانَ يدعى للملمة وَلم يبْق بعده من يدعى إِذا يحاس الحيس وَيسْتَحق أَن ينشد فِي حَقه وَإِن لم يقس بِهِ قيس
( ... وَمَا كَانَ قيس هلكه هلك وَاحِد ... )
وَلَكِن بُنيان قوم تهدما وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة كل مِنْهُم تسمى عبد الرَّحْمَن وهم عبد الرَّحْمَن اليمني بِمصْر وَعبد الرَّحْمَن الخياري بِالْمَدِينَةِ وَعبد الرَّحْمَن المرشدي بِمَكَّة وَقد تقدمُوا ثَلَاثَتهمْ على هَذَا التَّرْتِيب وَعبد الرَّحْمَن الْعِمَادِيّ بِالشَّام وَسَيَأْتِي قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى أربعتهم عمد الدّين وَقد جمعهم عصر وَاحِد فتشرف بهم وَأَنا أَحْمد الله تَعَالَى على تشرف كتابي بذكرهم
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْحميدِي الْمصْرِيّ شيخ أهل الوراقة بِمصْر الأديب الشَّاعِر الْفَائِق ذكره الشهَاب الخفاجي فِي كِتَابيه وَقَالَ فِي وَصفه كَانَ أديباً تفتحت بصبا اللطف أنوار شمائله ورقت على دوح أدبه خطباء بلابله إِذا صدحت بلابل مَعَانِيه وتبرجت حدائق معاليه جلبن الْهوى من حَيْثُ أدرى وَلَا أَدْرِي نظم فِي جيد الدَّهْر جمانه وَسلم إِلَى يَد الشّرف عنانه خاطراً فِي رِدَاء مجد ذِي حواش وبطانه