مَدِينَة كلز بِإِشَارَة من أميرها الْأَمِير حُسَيْن بن جانبولاذ ثمَّ شرعوا فِي الْفساد فَتنبه لَهُم نَائِب حلب وَأرْسل إِلَيْهِم جَيْشًا لمحاربتهم فتقابلوا على بَاب كلز وَكَانَت النُّصْرَة لعسكر حلب وَقتلُوا من أَصْحَاب عبد الْحَلِيم مقتلة عَظِيمَة وَخرج عبد الْحَلِيم بِمن بَقِي مَعَه من أَصْحَابه مكسورين وَسَار إِلَى حصن سميساط فقاتله صَاحب الْحصن وتواقعا ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى مَدِينَة الرها واحتال على أَن جَاءَتْهُ أَحْكَام سلطانية بِأَن يكون محافظاً بهَا وَفِي أثْنَاء ذَلِك خرج عَن ربقة الطَّاعَة حُسَيْن باشا الَّذِي كَانَ أَمِير الْأُمَرَاء بِولَايَة الْحَبَشَة وَوصل إِلَى مَدِينَة أركله من بِلَاد قرمان فثار إِلَيْهِ أَهلهَا ليردوه فسطا عَلَيْهِم ونما خَبره إِلَى السُّلْطَان فَأرْسل إِلَيْهِ عسكراً عَظِيما فخاف من هولهم وفر قَاصِدا أَن يخرج إِلَى بِلَاد الْعَرَب فَمَنعه العبور جسر جيحان فعطف على جِهَة الشرق حَتَّى وصل إِلَى الرها فَالتقى بِعَبْد الْحَلِيم وأوهمه أَنه ناصره وَلم تمض أَيَّام قَليلَة إِلَّا وَمُحَمّد باشا ابْن المرحوم سِنَان باشا قصد الْبَلَد الْمَذْكُور بجماهير من العساكر تسد الفضاء وَمن جُمْلَتهَا عَسْكَر الشَّام فنازلوا الرها ودام محاصرتهم لَهَا وَالْحَرب بَين الْفَرِيقَيْنِ وَاقع إِلَى أَن لَاحَ لعبد الْحَلِيم أَنه مَأْخُوذ لِأَنَّهُ مَحْصُور فشرع فِي طلب الْأمان من الْوَزير على شَرط أَن يسلم إِلَيْهِم حُسَيْن باشا وَيكون هُوَ ناجياً مِنْهُم وَكَانَ حُسَيْن شجاعاً بطلاً باسلاً لكنه كَانَ عاطلاً من الخديعة فَوَقع فِي شَرط عبد الْحَلِيم فَأنْزل عبد الْحَلِيم أَخَاهُ حسنا بالأمان بعد أَن استرهن عِنْده جمَاعَة من الْعَسْكَر السلطاني وترددت الرسائل بَينهم وحسين يظنّ أَن أَصْحَابه مَعَه وهم عَلَيْهِ فانعقد الْمقَال وَأخرج حُسَيْن من مَوْضِعه وَلما تحقق المكيدة قَالَ لعبد الْحَلِيم مُخَاطبا هَكَذَا تكون عهود الشجعان وتسلمه عَسْكَر الشَّام وَأَعْطوهُ للوزير وَبَات الْوَزير تِلْكَ اللَّيْلَة وَهُوَ يؤلمه بالْكلَام الموجع وَهُوَ يعْتَذر بأعذار غير مَقْبُولَة ثمَّ أرْسلهُ الْوَزير إِلَى بَاب السُّلْطَان فَلَمَّا وصل أحضر إِلَى الدِّيوَان فَنَادَى بشعار الشَّرْع فَأَجَابُوهُ إِلَى مَا أَرَادَ وحققوا عَلَيْهِ الْفساد والطغيان فَحكم القَاضِي بقتْله وصلب فِي وقته وَكَانَ بعد تَسْلِيم عبد الْحَلِيم لحسين ارتحل عَسْكَر الشَّام سَرِيعا لهجوم الشتَاء وَلم يمْكث الْوَزير بعدهمْ إِلَّا أَيَّامًا قَليلَة ورحل إِلَى جَانب حلب وَاسْتمرّ عبد الْحَلِيم مُدَّة الشتَاء مُقيما فِي الرها وثار فِي الرّبيع إِلَى عينتاب فَغَضب السُّلْطَان لبَقَائه فِي الْحَيَاة وَأرْسل لقتاله عسكراً وَجعل الْمُقدم على العساكر كلهَا حسن باشا ابْن الْوَزير مُحَمَّد باشا وَأرْسل من جَانب بَابه العالي أَيْضا