وافر وَكتب بذلك حجَّة وَعَاد صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى دمشق وَأقَام بهَا مُدَّة وَكَانَ عمر بِدِمَشْق تكية خَارج بَاب الله بِالْقربِ من رية الْقدَم ووقف عَلَيْهَا قرى من ضواحي صيدا وبعلبك وَكَانَ أملا كالفخر الدّين وَألْحق بذلك سِتِّينَ جزأ بالجامع الْأمَوِي وتعيينات لأهالي الْحَرَمَيْنِ وَبني سَبِيلا بِالْقربِ من عِمَارَته عَظِيم النَّفْع وَقيل فِي تَارِيخه

(نشا الْوَزير للوفود منهلا ... لوجه مَوْلَاهُ إِذا وافى غَدا)

(وَأنْشد الْوَارِد فِي تَارِيخه ... هَذَا السَّبِيل الأحمدي قد بدا)

ثمَّ طلبه السُّلْطَان مُرَاد إِلَى محاربة الْعَجم فِي قلعة روان وعزل عَن حُكُومَة دمشق ثمَّ أُعِيد اليها قَرِيبا وَأمر بمحافظة الْموصل وَعين مَعَه عَسْكَر الشَّام فحافظوا مُدَّة وَمرض فِي أثْنَاء الْمُحَافظَة وَأَرَادَ المقاومة لشاه الْعَجم عَبَّاس شاه فَمَا ساعده الْقدر فَقتل وَأسر غَالب من مَعَه من العساكر وَأرْسل راسه إِلَى دمشق فَدفن فِي تكيته الْمَذْكُورَة وَكَانَ قَتله فِي ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَألف رَحمَه الله

الشَّيْخ أَحْمد باعنتر اليمني الْحَضْرَمِيّ نزيل الطَّائِف كَانَ من كبار الْعلمَاء قَالَ الشلي فِي تَرْجَمته ولد بحضرموت فِي سنة ثَمَان عشرَة وَألف وَطلب الْعلم بهَا وَهُوَ صَغِير ثمَّ ارتحل إِلَى مَكَّة وَأقَام بهَا سِنِين وَأخذ عَن جمع مِنْهُم الشَّيْخ عبد الله الجبرتي وَمُحَمّد الطَّائِفِي وَالشَّيْخ عبد الله باقشير وَالشَّيْخ عَليّ بن الْجمال وَالشَّمْس مُحَمَّد البابلي وَالشَّيْخ عِيسَى بن مُحَمَّد الْجَعْفَرِي المغربي وَأخذ عَن الصفي القشاشي وتلقن مِنْهُ الذّكر وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة وَمن الشَّيْخ مُحَمَّد باعلوي وَالسَّيِّد عبد الرَّحْمَن المغربي وَأخذ عَن الشَّيْخ مهنا بن عوض بامزروع وزار النَّبِي

مرَارًا كَثِيرَة ثمَّ تدير الطَّائِف وَجلسَ للتدريس وانتفع بِهِ خلق كثير فِي فنون عديدة واعتقده أهل تِلْكَ الْجِهَة لحسن سيرته وَكَانَ يغلب على أهل تِلْكَ الْبِلَاد عدم الاسْتقَامَة فَلم يزل يرشدهم إِلَى الشَّرِيعَة حَتَّى اهْتَدَى مِنْهُم خلائق وَلم يكن بَين اثْنَيْنِ مخاصمة ووصلوا إِلَيْهِ إِلَّا أصلح مَا بَينهم ويرضى كل بصلحه وَكَانَ أول أمره يعلم الْقُرْآن وَكَانَ فَقِيرا زاهداً قانعاً ثمَّ اتَّسع فِي آخر عمره وَكَانَ يحجّ فِي كل سنة وَيُقِيم بِمَكَّة إِلَى آخر الْمحرم ويزور النَّبِي

كثيرا من السنين وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَألف بِالطَّائِف وَحضر جنَازَته أَكثر أهل الْبَلَد وعطلوا الصَّنَائِع وَالتِّجَارَة وتعب النَّاس لفقده رَحمَه الله تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015