الْهَدِيَّة ويجازى عَلَيْهَا فاذا أَتَتْهُ هَدِيَّة من ظَالِم بَاعهَا وَاشْترى بِثمنِهَا مَا يُرْسِلهُ الى صَاحبهَا وَكَانَ كثير الِاغْتِسَال لَا سِيمَا للصلوات وَأكْثر غسله فى الْبَحْر لقُرْبه من دَاره وَكَانَ ورعا جدا كثير الِاحْتِيَاط فى أُمُور متقشفا مخشوشنا متواضعا وَلما بلغه أَن بعض الاولياء من أهل الْحَرَمَيْنِ قَالَ لَا يكْتب على أهل عصره ذَنْب اكراما لَهُ بَكَى وَقَالَ أَنا أقل عباد الله وأحقر من أَن يُقَال فى حقى ذَلِك وَكَانَ يتستر بالعلوم الظَّاهِرَة وَيَقُول من فعل كَذَا أُصِيب بِكَذَا وَمن فعل كَذَا أعْطى كَذَا فَكَانَ كل من خَالفه فِيمَا نَهَاهُ عَنهُ أُصِيب بِمَا ذكره وَمن أطاعه نَالَ مَا ذكره وَكَانَ يَقُول لاهل الْبَحْر احترزوا يَوْم كَذَا من كَذَا وفى مَحل كَذَا فَمن خَالفه عطب وَمن امتثل سلم وَله فى ذَلِك حكايات وَكَانَ يكاشف بعض أَصْحَابه بِمَا يخْطر بِبَالِهِ وَمَا جرى لَهُ فى غيبته قَالَ الشلى وَوَقع لى أَنى دخلت عَلَيْهِ بعد الْعَصْر فى شهر رَمَضَان وَذَلِكَ أول اجتماعى بِهِ فَحصل لى بِهِ غَايَة المدد والانس وَكَانَ معى ابْن عمى وَكَانَ أكبر منى ومعنا لَهُ هَدِيَّة من بعض أَصْحَابه بِالْهِنْدِ فعزمنا للعشاء فَاعْتَذر ابْن عمى عَن ذَلِك وَقصد بذلك عدم تَكْلِيف الشَّيْخ لَان وَقت الافطار قريب فَقَالَ رُبمَا لَا تَجِدُونَ عشَاء فى هَذِه اللَّيْلَة فانفق أَنا درنا فى الْبَلَد فَلم نجد مَا نتعشى بِهِ لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا فَعرفنَا أَن ذَلِك من مخالفتنا لَهُ وَأَنَّهَا كَرَامَة مِنْهُ فبتنا وتوسلنا الى الله تَعَالَى بالشيخ فاذا بِرَجُل يَقُول لنا مَا تُرِيدُونَ فَقُلْنَا الْعشَاء فَقَالَ عندى وَلما أَصْبَحْنَا ودخلنا على الشَّيْخ كاشفنا بِمَا وَقع لنا ودعا لنا بِالْخَيرِ وَلم يزل يترقى فى أَعلَى الدَّرَجَات حَتَّى انْتقل بالوفاة الى رَحْمَة الله تَعَالَى وَكَانَت وِلَادَته فى سنة تسعين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف بِمَدِينَة اللِّحْيَة الَّتِى اشْتهر عَن جده الْفَقِيه أَحْمد بن عمر الزيلعى رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول فى شَأْنهَا ان من زارها أَو دارها كفى جَهَنَّم ونارها وَأَن الْمَيِّت لَا يسئل بهَا وَلَا يلقن كَمَا قَالَ مُحَمَّد الهندى فى قصيدته الَّتِى مدح بهَا سيدى أَحْمد بن عمر الزيلعى رضى الله تَعَالَى عَنهُ مِنْهَا قَوْله فِيهِ
(ان مَاتَ فِيهَا الْمَيِّت لَا يلقن ... وَمن سُؤال الْملكَيْنِ يَأْمَن)
(كَرَامَة فى غَيرهَا لَا تمكن ... طُوبَى لعبد فى ثراها يدْفن)
(فانها للْعَبد نعم المستقر ... )
وَدفن بتربة سيدى المقبول صَاحب القضب رَحمَه الله
الامير ملحم بن يُونُس بن قمر قماس الشهير بِابْن معن ابْن أخى الامير فَخر الدّين الْمُقدم