انما يُطِيع حكام الْمُسلمين أَمر سلطانها لانهم كلهم أهل مِلَّة وَاحِدَة وَمذهب وَاحِد فَخرج الْملك من عِنْد زَوجته مغضبا وجهز الرُّسُل الى بِلَاد المجار يَدعُوهُم الى مذْهبه فَلم يقبلُوا فَأرْسل عَسَاكِر من قبله فقبضوا على أَكْثَرهم وأحضروهم اليه فعذبهم وقتلهم وَفعل فى بِلَاد المجار أفعالا شنيعة جدا لم تصدر من ملك قطّ مَعَ أَنهم رعاياه ويؤدون اليه مَا عَلَيْهِم بِلَا خلاف لَهُ فَبِهَذَا تحقق النَّصَارَى ان الله تَعَالَى سلط الْمُسلمين عَلَيْهِ فخربوا بِلَاده وَألقى الرعب فى قلبه وقلب عسكره وهربت رعاياه من هَذَا الْحَد الى حد قزل ألما وتشتتوا فى الْبِلَاد كل ذَلِك بِسَبَب مَا فعله لَهُ مَعَ المجار الَّذين هم رعاياه وَحزبه انْتهى ثمَّ ان خَان التاتار نور الدّين كراى لحق كثيرا من الهاربين فَقتل مِنْهُم مقتلة عَظِيمَة وَمن أغرب مَا وَقع فى هَذَا الاثناء أَن سوقة الْعَسْكَر كَانُوا يدْخلُونَ قلعة من القلاع الْمَذْكُورَة فيرون فِيهَا أُنَاسًا قَلَائِل من النِّسَاء وللرجال العاجزين عَن الْحَرَكَة فيقتلونهم ويستولون على القلعة ثمَّ يطلقون فِيهَا النَّار فعلوا هَذَا فى اكثر من أَرْبَعِينَ قلعة وَاسْتولى قره مُحَمَّد باشا على قلعة تسمى أووار يُقَال انها أحصن من ايوارا الَّتِى افتتحها الْوَزير الْفَاضِل فى سنة خمس وَسبعين وَألف وَفتح بكر باشا قلعة هانبرق وهى على مَا سَمِعت فى الحصانة لَا تقصر عَن قلعة حلب ثمَّ حرقوا القلعتين المذكورتين وغنم الْمُسلمُونَ غَنَائِم لَا تحصر وَلَا تضبط واسروا نَحْو مائَة ألف أَسِير بِحَيْثُ بِيعَتْ الْجَارِيَة مَعَ وَلَدهَا بِثَلَاثَة قروش والابكار لَا يتَجَاوَز ثمنهَا الْعشْرين قرشا الا فى النَّادِر وَبيع الرَّأْس من الْغنم بقطعتين ورطل الطحين العال بقطعتين ورطل النّحاس بِثَلَاث قطع وهرب عَسْكَر النَّصَارَى من بج ونواحيها وَأخذُوا مَعَهم كثيرا من الاموال فلحقهم جمَاعَة من التاتار فأدركوهم عِنْد لنجة قلعة دَاخل بج بِنَحْوِ سِتِّينَ سَاعَة فاستأصلوهم قتلا ونهبوا جَمِيع مَا كَانَ مَعَهم وفى عشرى رَجَب توجه نور الدّين كراى نَحْو بَابا طاغى بِنَحْوِ عشرَة آلَاف من عسكره التاتار فلقى جمَاعَة من النَّصَارَى فى عدد عشْرين ألف فَقتل بعضلاا وَأسر آخَرين وَلم ينج مِنْهُم الا الْقَلِيل وَكَذَلِكَ فعل حَاج كراى سُلْطَان فى بعض النواحى فغنم غَنَائِم عَظِيمَة ثمَّ وصل الْوَزير صَاحب التَّرْجَمَة الى بج وَضرب مخيمه بهَا وخيمت العساكر وَهَذِه القلعة كَمَا تلقيت خَبَرهَا ذَات قلعة داخلها يُحِيط بهَا من جوانبها الثَّلَاثَة الدّور والابنية والعمارات والحدائق وَمن جملَة ذَلِك سَبْعَة عشر مَكَانا باسم الْملك تحتوى هَذِه الامكنة على عجائب الزخارف والفواكه والفساقى من السماقى