تربى فى حجر الْعِزَّة متفيئا ظلال الْوَالِد مَبْسُوطا عَلَيْهِ مِنْهُ جنَاح الرأفة رافلا فى حلل حماية الاب الشفيق مسديا اليه لطفه وَعطفه وَلَا بدع فانه آخر أَوْلَاده وَلم يبْق من كأس الْعُمر الاجرعه ويسير بريد الْمنية اليه فى غَايَة السرعه وَلما بلغت أَبْيَات قصيدة سنه النّصاب وَأَقْبَلت عَلَيْهِ من كَتِيبَة الْعُمر طَلِيعَة الشَّبَاب خلع عَلَيْهِ أَبوهُ حلَّة الاعاده باسطا أَجْنِحَة الافاضة والافاده وَأكْرم وَزِير تِلْكَ الدولة وَالِده فتحلى من جمان الْمدَارِس الثمان بواحده فَلَمَّا آذن قمر حَيَاة أَبِيه بالسرار وَبلغ طواف أَيَّام عمره الاعتمار رَفَعُوهُ مِنْهَا لَا الى منصب وَكَانَ السَّبَب فى ذَلِك حقد المتعصب فنسخت بِحَدِيث الْعَزْل آيَات عزته وقص بمقراض الرّفْع جنَاح رفعته ثمَّ رَجَعَ الى احدى الثمان بِزِيَادَة الْعشْر على مهرهَا وتكفل بِمَا يجب عَلَيْهِ من مُحَافظَة أمرهَا ثمَّ نقل مِنْهَا الى الْمدرسَة السليمية بأدرنه المحميه ثمَّ توجه مِنْهَا الى سلانيك حَاكما مُتَقَلِّدًا من الْقَضَاء صَارِمًا ثمَّ عزل وَلم تزل تواصله عرائس المناصب مرّة وتفارقه أُخْرَى الى ان فَازَ بِقَضَاء العسكرين وَكَانَ أَحَق بهما وَأولى وَأَحْرَى ثمَّ عزل فَنَاوَلَهُ فى نوبَته ساقى حمام منيته وَكَانَ يسير سير الْمُلُوك ويتقلد من الترفه بأزهى سلوك فى عَيْش رائغ وشراب سَائِغ وَله احاطة بالفروع الْفِقْهِيَّة والمام بالعلوم الْعَقْلِيَّة والنقليه وَكَانَت وَفَاته فى حُدُود سنة سبع بعد الالف وَدفن بمشهد قريب من تربة أَبى أَيُّوب الانصارى بجوار أَبِيه النبيه لَا زَالَت سحب الْمَغْفِرَة تَشْمَل جدثه وتحويه
مصطفى بن مُحَمَّد الشهير بعزمى زَاده قاضى وَأشهر متأخرى الْعلمَاء بالروم وأغزرهم مَادَّة فى الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم وَله التآليف الَّتِى مَلَأت سمع الزَّمَان فائده وَثَبت فِيهِ من صلات نَفعهَا كل عائده مِنْهَا حَاشِيَة على الدُّرَر وَالْغرر فى الْفِقْه وحاشية على ابْن مَالك فى الاصول وَغَيرهمَا وَله الشّعْر النَّضِير فى الْعَرَبيَّة والتركية ومخلصه على دأبهم حالتى ورباعياته مَشْهُورَة مرغوبة وَقد جمعهَا فى سفر مُسْتَقل وهى فى التركية كرباعيات سديد الدّين الانبارى فى الْعَرَبيَّة وَعمر الْخيام فى الفارسية اليها النِّهَايَة فى الْقبُول والتحسين وَعَلَيْهَا الْمعول فى لطف النكات والمضامين وَبِالْجُمْلَةِ فآثاره كلهَا لطيفه وأخباره جَمِيعهَا ظريفه وَقد ذكره ابْن نوعى فَقَالَ فى تَرْجَمته حصل الْفُنُون الرائقه الى أَن أحرز الْمرتبَة اللائقة ثمَّ تحرّك على مُعْتَاد أَرْبَاب الاستعداد فانحاز الى الْمولى شيخ الاسلام سعد الدّين